ياسر سلطان
القاهرة – نوفمبر 2017
عالم تسكنه الجن والملائكة
ماذا لو امتد التصوير المصري القديم حتى عصرنا الحاضر من دون انقطاع؟ لا شك حينها أنه كان سيتشبع بتأثيرات كل هذه الحقب والثقافات التي مرت على مصر والعالم, لكنه كان من المُرجح أيضاً أن يحتفظ بوشائج قوية مع هؤلاء المصورين العظام الذين زينوا المقابر والمعابد الفرعونية بالصور والكتابات. دائماً ما يقفز أمامي هذا السؤال كلما تطلعت إلى أعمال الفنان صبري منصور, مدفوعاً بذلك الخيط الخفي الذي يتسلل بين رسومه ممتداً وغائراً حتى يصل إلى تلك التصاوير التي تركها أسلافه على الجدران. مصورون كثر استلهموا تلك الرسوم الفرعونية, وحاولوا تتبع ذلك النسق القديم على نحو معاصر, غير أن ما فعله صبري منصور لم يكن من قبيل الاستلهام أو التأثر, هو حالة من الوعي لا تلتهم العناصر وحدها, بل تلتهم التاريخ والثقافة أيضاً, فتعيد تمثيلها من جديد, كأنه كان شاهد عيان على ما حدث, أو أن جيناته احتفظت بذلك الشعور المرهف لأسلافهمن المصورين على مر العصور, فاستطاع بمهارة رتق ذلك القطع العميق من دون زيف.
