The Magic World of Sabry Mansour by Nasser Irak

The Procession

                                             ناصر عراق

مجلة سطور – القاهرة – 1999

صبري منصور وعالمه الساحر

أساطير اليوم والليلة
للأسف قليل من الفنانين التشكيلين من حظي بنعمة الثقافة وذاق لذة المعرفة ، والأقل من تشغله الأسئلة ويظل يلهث طوال حياته من أجل اصطياد الإجابات الصحيحة، والفنان الكبير صبري منصور من اولئك القلائل الذين أنهكهم البحث عن الخصائص الجمالية الت تميز الفن المصري، فقرأ وتعمق، وأبحر في فضاءات المعرفة الفسيحة، وقدم لنا نتيجة بحثه الدءوب متمثلاً في حصاد عامر من اللوحات المتفردة.
تخرج صبري منصور 55 عاماً في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة قسم التصوير عام 1964، وحصل علي درجة الدكتوراه عام 1976 وأصبح رئيساً لقسم التصوير بالكلية ثم عميداً لها في الفترة ن 1989_1992.
تستند لوحات صبري منصور علي خبرته الغزيرة بتفاصيل القرية المصرية، حيث عاش فيها طفولته المبكرة وصباه الأول، علاوة علي هضمه للتراث المصري بروافده الثلاثة الفرعوني والقبطي والإسلامي، فضلاً عن دراسته العميقة لمنجزات الفن الحديث في العالم كله.
لا يلتزم صبري منصور كثيراً بالحلول الأكاديمية المملة عند معالجة شخوصه وعناصره، فالنساء مثلاً تخففن من سطوة التشريح المنضبط للجسد، فلا ملامح واضحة، مع نزعة لتضخيم الأيدي، مما يفاقم من انهمار الدراما علي سطح اللوحة، خاصة وان هناك امرأتين خرجتا من الكادر العام، واستقرت كل واحدة بجوار نخلتها.

الهوس بالدراما
لا تخلو لوحة الفنان صبري منصور من انتشار نغمة الدراما في أرجائها، لكنها دراما لا تقع في مستنقع الابتذال المذموم، خاصة وأن الإنسان _ رجلاً أو أمراة_ يحتل دوماً مكاناً معتبراً في أي عمل من أعماله، وبالطبع يكون المصدر الرئيسي لتفجير الدراما، لذا لا عجب أن ينفر صبري منصور من الاتجاه التجريدي الذي يتعارض وفق رأيه، مع الملامح العامة للفن المصري، وهو يقول في ذلك، اعتقد أن الروح المصرية بما تحمل من مضمون قوي بالوجود، وإحساس عارم بالحياة ضد التجريد.
في لوحة “أساطير حول الهرم” نشاهد ملحمة درامية تضج بالأحداث، رغم الثوب السكوني الذي يغلفها، فها هو الهرم بتكوينه البديع وشكله الجميل الراسخ يحتل المنطقة الذهبية في اللوحة، بينما اصطف أسفله عدد من الرجال والنساء وقد انخرط كل منهم في حالة ما، فهذا يرفع يديه بالدعاء، وذاك ينتحب في حين هام في فضاء اللوحة حول الهرم أمراتان أتخذتا أوضاعاً مسرحية، كذلك وقفت اثنتان من النساء في حالة جزع عن يمين وشمال الهرم الذي أحدث به الفنان تجويفاً ملأه رجل ذو نكهة “مومياوية”.